مشروع القانون :المراحل التي يمر منها ليصبح قانونا ساري المفعول ؟

تعتبر القوانين من أهم الوسائل التي يعتمد عليها المجتمع لتنظيم وضبط العلاقات بين أفراده وهيئاته، ويتم ذلك من خلال سنها لمجموعة من القواعد القانونية التي تشكل إطارا واضحا لحقوق وواجبات الفرد والهيئة. في هذا المقال، سنتعرف على مفهوم مشروع القانون وعلى الجهة التي تقوم بإعداده وصياغته. كما سنسلط الضوء على المراحل الاساسية التي يمر منها مشروع قانون في المغرب قبل أن يصبح قانونا ساري المفعول وملزما للجميع.

مفهوم مشروع القانون وعلى الجهة التي تقوم بإعداده وصياغته.
مفهوم مشروع القانون وعلى الجهة التي تقوم بإعداده وصياغته.

تعريف مشروع القانون

يمكن تعريف مشروع القانون كمسودة نص قانوني تقترحه الحكومة لم تتم المصادقة عليه بعد من طرف السلطة التشريعية (البرلمان).وبخلاف مقترح القانون الذي يأتي بمبادرة من فريق نيابي أو عضو أو أكثر من أعضاء مجلسي البرلمان، يأتي مشروع القانون بمبادرة من السلطة التنفيذية والتي تهدف من خلاله غالبا الى تنظيم وتأطير مجالا معينا أو تنزيل سياسة عمومية معينة.

يمر مشروع القانون، الذي يعتبر نقطة الإنطلاق التي تبدأ منها عملية إنتاج التشريع الوطني، قبل إصدار صيغته النهائية ودخوله حيز التنفيذ، بمجموعة من المراحل والتي يمكن تلخيصها على النحو التالي : مرحلة الاقتراح، مرحلة الدراسة والتصويت عليه في مجلسي البرلمان ومرحلة الإصدار والنشر.

1- مرحلة الاقتراح

تستهل هذه المرحلة بوضع السلطة الحكومية المعنية، بناء على التزامات البرنامج الحكومي، تصورا أوليا لنص مشروع قانوني ينظم و يؤطر مجالا معينا من اختصاصها. ويتم خلال وضع هذا التصور الأولي الاطلاع والأخذ بعين الاعتبار التشريعات الوطنية والدولية القائمة في المجال. كما تقوم كذلك هذه السلطة الحكومية بفتح نقاشات في الموضوع مع القطاعات الوزارية الاخرى وباقي المؤسسات العمومية التي لها صلة وارتباط بمشروع القانون الجديد وكذا إنجاز بعض الدراسات للإحاطة والإلمام بمختلف جوانب وأبعاد وأثار هذا النص القانوني.

بعد انتهاء السلطة الحكومية المعنية من صياغة المسودة الأولية لنص مشروع القانون تتم إحالته من طرف رئيس الحكومة على الأمانة العامة للحكومة، التي تعتبر بمثابة المستشار القانوني للحكومة، لدراسته شكلا ومضمونا. فمن الناحية الشكلية، تقوم المديرية العامة للتشريع والدراسات بهذه الأمانة العامة بالتأكد من كون مشروع القانون المحال عليها ينظم بالفعل مجالا من اختصاص الوزارة المعنية، بالإضافة الى فحصه من الجانب الشكلي واللغوي. أما من ناحية المضمون، فتقوم الأمانة العامة للحكومة بالتحقق من مدى مطابقة مشروع القانون لأحكام الدستور ومن عدم مخالفته للنصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل، بحيث يجب أن لا تتنافى أو تتعارض مواد هذا القانون مع نص قانوني أسمى منه.فإذا كان مشروع نص القانون عبارة عن قانون عادي مثلا فلا يجب أن تتنافى مقتضياته مع قانون تنظيمي قائم باعتباره أسمى منه درجة في هرم التشريع (مبدأ سمو القوانين).كما تقوم كذلك الأمانة العامة للحكومة بإرسال مشروع القانون إلى جميع أعضاء الحكومة قصد إبداء الرأي. بعد ذلك، وفي حالة توافق مختلف الأطراف المعنية، تقوم الأمانة العامة للحكومة بإحالة مشروع القانون في صيغته الرسمية إلى رئيس الحكومة قصد التداول فيه في المجلس الحكومي أو المجلس الوزاري، الذي يترأسه الملك، إذا كان الأمر يتعلق بمشروع قانون يخص المجالات المنصوص عليها في الفصل 49 من الدستور (مشروع قانون إطار، مشروع قانون يتعلق بالمجال العسكري، مشروع قانون العفو العام … الخ).

2- مرحلة الدراسة والتصويت عليه في مجلسي البرلمان

بعد المصادقة على مشروع القانون في صيغته الرسمية من طرف المجلس الحكومي أو المجلس الوزاري، يقوم رئيس الحكومة بايداعه لدى مكتب أحد مجلسي البرلمان وذلك بواسطة رسالة ايداع موقعة من طرفه و موجهة الى الرئيس المعني (المادة 21 من القانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها).

بعد تلقي  رئيس مكتب مجلس النواب لمشروع القانون، يقوم هذا الأخير، طبقا لأحكام الفصل 80 من الدستور، بإحالته على إحدى اللجان الدائمة التسع بمجلس النواب لدراسته بشكل مفصل.كما يحيل نسخة منه كذلك على لجنة الشؤون التشريعية والقانونية لإبداء ملاحظاتها.تقوم اللجنة المختصة المحال عليها مشروع القانون بمناقشة مواده وتقديم تعديلاتها المقترحة. بعد ذلك، تقوم هذه اللجنة بالتصويت على مشروع القانون وعلى التعديلات المقترحة وترفع تقريرها النهائي إلى مكتب مجلس النواب، متضمنا النص الذي تم التصويت عليه و آراء وملاحظات أعضاءها وكذا ملاحظات لجنة الشؤون التشريعية والقانونية. بعد توصل رئيس مكتب مجلس النواب بمشروع القانون من اللجنة يقوم بتسجيل مشروع القانون في جدول أعمال الجلسة العامة مصحوبا بتقرير اللجنة التي تدارسته.وخلال هذه الجلسة يتم تقديم مشروع القانون من طرف الحكومة وكذا تقديم تقرير اللجنة المختصة من طرف مقرر النص، لتليه مداخلات الفرق و المجموعات النيابية وتختتم الجلسة بالتصويت على مشروع القانون برمته.

بعد مصادقة مجلس النواب على مشروع القانون يتم إحالته إلى مجلس المستشارين ويمر بنفس المراحل التي مر منها بمجلس النواب. وفي حالة موافقة مجلسا البرلمان على نفس النص، أو إذا وافق مجلس النواب نهائياً على التعديلات التي أدخلها مجلس المستشارين، يعتبر القانون مصادقاً عليه من قبل البرلمان.

3- مرحلة الإصدار والنشر

بعد انتهاء مرحلة الدراسة والتصويت عليه في مجلسي البرلمان، يقوم رئيس المجلس المعني بارسال مشروع القانون المصادق عليه إلى رئيس الحكومة  الذي يحيله بدوره على  الأمين العام للحكومة من أجل إعداد ظهير الاصدار بتنفيذه ثم يوجه الى رئيس الدولة،الملك، من أجل الموافقة عليه وإصدار الأمر بتنفيذه بموجب ظهير شريف.بعد ذلك، وتطبيقا لأحكام الفصل 50 من الدستور، ينشر القانون في الجريدة الرسمية، خلال أجل أقصاه شهر ابتداء من تاريخ ظهير اصداره، ليصبح نافذا و ملزما للجميع ما لم تنص إحدى مواده على خلاف ذلك.

ملاحظة :

كل قانون تنظيمي يحال وجوبا على المحكمة الدستورية بعد المصادقة عليه و لايصبح ساري المفعول الا بعد البث فيه من طرف هذه المحكمة بمدى مطابقته لأحكام الدستور.كما يمكن كذلك لرئيس الدولة، أو رئيس مجلس النواب ، أو رئيس مجلس المستشارين ، أو خمس أعضاء مجلس النواب، أو 40 عضو من أعضاء مجلس المستشارين؛ أن يحيلوا القوانين، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، على المحكمة الدستورية لتبت في مطابقتها لأحكام الدستور.

في هذا المقال، تعرفنا على مفهوم مشروع القانون والذي يعتبر النواة الاولى في عملية سن القوانين.كما استعرضنا كذلك المراحل الاساسية التي يمر منها نص مشروع القانون قبل إصدار الأمر بتنفيذه من رئيس الدولة و نشره بالجريدة الرسمية للمملكة ليصبح نافذا و ملزما للجميع.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *